اختر صفحة

 

إنّ من أبرز خصائص الأخلاق الفاضلة: شموليتها لجميع مناحي الحياة؛ وهي أيضًا مطلبٌ لازمٌ ومتحتِّم في جميع الوسائل والغايات.

وإن كان الوعّاظ مطالبين بالتحلّي بجميع الأخلاق الحسنة، والتخلِّي عن جميع مساويها؛ إلّا أنه ثمة أخلاق يتعيّن على كلّ واعظ أن يكون متّصفاً بها، لعظيم ارتباطها بالموعظة والموعوظين.

ولمّا كان الواعظ في مقام المؤدِّب؛ احتاج إلى الرفق بالموعوظ؛ لأنّ التأديب مظّنة العظة والفظاظة، ومن هنا قرن الله تعالى الموعظة بالحسن، حتى يكون الوعّاظ على درجة عظيمة من الرفق واللين بالموعوظين.

وحيث أنّ مقام الوعظ تشرئب إليه نفوس الناس، ويلقى الواعظ تقديراً وتبجيلاً، كان من الضروري اتّصاف الواعظ بخلق التواضع.

والواعظ داعية إلى دين الله، وقد جرت سنة الله تعالى في الدعاة من الأنبياء عليهم السلام ومن سار على نهجهم من المصلحين أنهم مُبتلون في دعوتهم، ومعرضون للتهكم والسخرية والهمز واللمز وغير ذلك من صنوف الأذيّة المعنويّة والجسديّة؛ فلَزِمَ على كل واعظ أن يوطّن نفسه على الحِلم والصبر والعفو.

فمدار الأخلاق عند الوعّاظ هي: الرفق واللين، والصبر، والتواضع.

قال الغزالي رحمه الله: «… وقد قيل: إذا جمع المعلّم ثلاثاً تمت النعمة بها على المتعلم؛ الصبر، التواضع، وحسن الخلق».