اختر صفحة

 

 

السنّة النبويةّ هي المعين والرافد بعد – القرآن الكريم – لوعظ السلف وتذكيرهم، وهذا واضع جليٌّ لمن وقف على مواعظهم وخطبهم رحمهم الله.

وطرائق استشهاد السلف رحمهم الله بالسنّة النبويّة في وعظهم على ضربين:

  • استشهاد بأقول المصطفى ﷺ.
  • استشهاد بأفعاله وأحواله وسيرته ﷺ.
  • الاستشهاد بأقوال النبي ﷺ ومواعظه:

سلك السلف رحمهم الله في استشهادهم – بأقوال المصطفى في مواعظهم – مسلكين اثنين:

  • الاستشهاد الصريح:

والمقصود بذلك إيراد قوله ﷺ أو موعظته في ثنايا الخطبة أو الموعظة.

ومن أمثلة ذلك:

– عن علقمة بن وقاص الليثي قال: «سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه».

 

  • الاستشهاد الضمني:

لقد أُشرِبت قلوب السلف رحمهم الله سنّة نبيهم ﷺ ففاضت ينابيع الحكمة من أفواههم، فلا تكاد تقف على موعظة لهم إلا وتجد لها شاهداً من سنّة النبي ﷺ.

ومن أمثلة ذلك:

– وعظ الحسن البصري يوماً فكان مما قال: «إنّ الله يقول: (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) فقال: كانوا يعملون ما يعملون من أعمال البحر وهم مشفقون ألا ينجيهم ذلك من عذاب الله عز وجل»

وقد فسر الحسن هذه الآية بنحو ما ثبت عن رسول الله ﷺ.

  • الاستشهاد بأحوال النبي ﷺ وسيرته:

كان النبي ﷺ داعية وموجِّهاً وواعظاً، كما قال تعالى: ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا).

فكانت حياته وأعماله وأقواله ﷺ كلّها دعوة ووعظاً ونصحاً وتذكيراً، لذا فقد أخذ السلف رحمهم الله سيرته وأحواله ﷺ سراجاً وضياءاً يسيرون وُفقَهُ في دعوة الناس ووعظهم.

ومن شواهد ذلك:

– كان الحسن إذا ذكر رسول الله ﷺ قال: «أكرم ولد آدم على الله تعالى، أعظم الأنبياء منزلة عند الله، أُتِيَ بمفاتيح الدنيا فاختار ما عند الله، كان يأكل على الأرض، ويجلس على الأرض ويقول: إنما أنا عبد، آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد، وكان يلبس المرقوع والصوف، ويركب الحمار ويُردف خلفه، ويأكل الجَشب – ما غلظ مأكله وخشن – من الطعام، ما شبع من خبز برِّ يومين متواليين حتى لحق الله، من دعاه لبّاه، ومن صافحه لم يدع يده من يده حتى يكون هو الذي يدعها، يعود المريض، ويتبع الجنائز، ويجالس الفقراء، أعظم الناس من الله مخافة وأتبعهم لله عز وجل بدناً، وأجدّهم في أمر الله، لا تأخذه في الله لومة لائم».

   ومن خلال ما سبق نخلُصُ إلى أنّ الكتاب والسنّة هما عُمدة مصادر الوعظ عند السلف رحمهم الله، ويتّضح ذلك من خلال اقتباس السلف رحمهم لمنهج وعظهم، ولأساليبه، بل ومضامينه من هذين المصدرين، مستشهدين بمواعظ القرآن تارة، وبمواعظ السنة، وأحوال المصطفى ﷺ تارة أخرى، يشهد لذلك مواعظهم وخطبهم.

فحريّ بالوعّاظ أن يسلكوا سبيل سلفهم الصالح إن أرادوا التوفيق والسداد.