من خلال تتبع مواعظ السلف، يمكن القول أنّ السلف كانوا يسترشدون بمواعظ القرآن ويستشهدون بها، في جلّ مواعظهم، وخطبهم ونصحهم وتذكيرهم.
ويمكن تفسير طرائق استشهادهم بالقرآن الكريم في وعظهم إلى أقسام منها الاستشهاد الصريح، وذلك عن طريق الاستشهاد بنصوص القرآن الكريم، وهذا النوع على قسمين:
- 1- إيراد نصّ الموعظة كما جاءت في القرآن الكريم، ومن ثمّ التعليق عليها:
ومن أمثلتها:
– قول الحسن البصري رحمه الله: «ضرب الله مثلاً، فأقلّ الناس من انتفع به وأبصره، يقول الله عز وجل: (أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ)
ثم قال: «هذا الإنسان حين كبرت سنّه وكثر عياله ورقّ عظمه، بعث الله على جنته ناراً فأحرقتها، وأحوج ما كان إليها، فهذا مثل ضَرَبه الله ليوم القيامة، يوم يقوم ابن آدم عريان ظمآن، ينتظر ويحذر شدة ذلك اليوم، فأيّكم سرّه أن يذهب عمله أحوج ما كان إليه؟».
- 2- الاستشهاد بآيِ القرآن في ثنايا الموعظة، ومن أمثلة ذلك:
قول أبي عبد الله جعفر الصادق لسفيان الثوري: «يا سفيان إذا أنعم الله عليك بنعمة فأحببت بقاءها ودوامها فأكثر من الحمد والشكر عليها، فإن الله تعالى قال في كتابه: (لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) ، وإذا استبطأت الرزق فأكثر من الاستغفار، فإن الله تعالى قال في كتابه: (اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ) يعني: في الدنيا (وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ) في الآخرة.