اختر صفحة

 

غَلَت طوائف في الترغيب والترهيب، وخرجت بهما عن الحدّ المحمود، كغُلُوّ الخوارج في الترهيب، وغلو المرجئة في الترغيب.

ومذهب السلف رحمهم الله وسط بين الغلو والتفريط، فلا غلو في الترجية لأنّ ذلك قد يكون باعثاً على الاتّكال والكسل، وربما جرّأ العبد على المعاصي، ولا إفراط في الترهيب لأنّه قد يورث اليأس والقنوط.

ولهذا استحب السلف للواعظ أن يتلطف في استعمال أخبار الخوف والرجاء بحسب الحاجة بعد ملاحظة العلل الباطنة، لأنه إن لم يُراع ذلك كان ما يفسد بوعظه أكثر مما يصلح».

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «فلا يحلّ لأحدٍ أن يَقنَط من رحمة الله، ولا أن يُقَنِّط الناس من رحمته، ولذا قال بعض السلف: إنّ الفقية كلّ الفقيه الذي لا يؤيّس الناس من رحمة الله، ولا يجرّؤهم على معاصي الله».

والقدر الواجب من الخوف والترهيب هو ما حمل على أداء الفرائض واجتناب المحارم، فإن زاد على ذلك بحيث صار باعثاً للنفوس على التشمير في نوافل الطاعات والانكفاف عن دقائق المكروهات والتبسّط في فضول المباحات كان ذلك فضلاً محموداً، فإن تزايد على ذلك بأن أورث مرضاً أو موتاً أو هماً لازماً بحيث يقطع عن السعي في اكتساب الفضائل المطلوبة المحبوبة لله عز وجل لم يكن محموداً».

  • والخلاصة: أنّ الترغيب والترهيب وإن كان من أنجع أساليب الوعظ وأكثرها تأثيراً إلّا أنه منضبط بضوابط تصونه عن الخلل، كالاعتدال في مقداره، والموازنة فيما بينه، والاقتصار على الثابت الصحيح منه.

وقال الماوردي: «حسن الخلق أن يكون سهل العريكة، ليّن الجانب، طلق الوجه، قليل النفور، طيِّب الكلمة».