السنّة النبوية هي المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي، وتتبوّأ المرتبة الثانية عند السلف بعد كتاب الله عز وجل من حيث الاحتجاج بها.
وممّا يدلّ على عظم مكانة السنّة في نفوس السلف رحمهم الله، أمور منها:
- 1- تعظيمهم لكلام النبي ﷺ:
كان السلف رحمهم الله لا يعارضون بقول النبي ﷺ أحداً، ويرون وجوب اتباعه فيما أمر والانتهاء عما زجر،
ومن شواهد ذلك:
عن أبي قتادة: قال: «كنا عند عمران بن حصين رضي الله عنه في رهط منا، وفينا بشير بن كعب، فحدثنا عمران يومئذ قال: قال رسول الله ﷺ: «الحياء خير كله» قال: أو قال: «الحياء كله خير»، فقال بشير بن كعب: إنا لنجد في بعض الكتب أو الحكمة: أن منه سكينة ووقارالله ومنه ضعف، قال: فغضب عمران حتى احمرتا عيناه، وقال: ألا أراني أحدثك عن رسول الله ﷺ وتعارض فيه؟! قال: فأعاد عمران الحديث، قال: فأعاد بشير، فغضب عمران، فما زلنا نقول فيه: إنه منّا يا أبا نجيد إنه لا بأس به».
قال الجنيد: «الطرق كلّها مسدودة على الخلق، إلا من اقتفى أثر الرسول ﷺ واتّبع سنّته ولزم طريقته، فإنّ طرق الخير كلها مفتوحة عليه».
وقال أبو عثمان النيسابوري: «مَن أمَّر السنَّة على نفسه قولاً وفعلاً نطق بالحكمة، ومن أمَّر الهوى على نفسه قولاً وفعلاً نطق بالبدعة».
- 2- الاعتماد على السنّة الصحيحة:
كان السلف رحمهم الله لا يأخذون الحديث إلّا ممن ظهرت عدالته وقوي حفظه، قال محمد بن سيرين رحمه الله: «لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا: سمّوا لنا رجالكم، فيُنظر إلى أهل السنة فيُؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم».
وقال عبد الله بن المبارك:: «الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء».
- 3- جمع سنّة النبي ﷺ ومواعظه:
من منهج السلف رحمهم الله العناية بالسنّة النبوية تحمّلاً وروايةً وجمعاً وتصنيفاً، وهذا ظاهر بيّن من مصنفاتهم الكثيرة التي جمعت كلّ ما يتعلّق بسنته ﷺ، ومن ذلك جَمعُ المواعظ الواردة عنه ﷺ ، سواء في مؤلفات مستقلة، أو ضمن كتب السنن والجوامع والمسانيد.